يقول رسولنا الاكرم (ص) : {انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق} وهذا الحديث الشريف دائما نجده بطرف افواهنا عندما نتربع ونتكلم ونحكي في مجال الاخلاق والآداب ، وكيف اننا نتبختر بهذا اقول العظيم لكون الاخلاق شيء اساسي في المسيرة الانسانية منذ فجر التاريخ ، فهي ظل للاستجابة الضدية – اي الشر والخير – ومن هنا فنحن حريصين على اخلاقنا ومن عدم تلوثها بالنجاسات الفسادية في هذه الدنيا . ودائما في علم الاخلاق نجد ان الاخلاق تتصف بتفرعات منها التربية الاسرية ، فالاسرة كما هو معروف هي نواة المجتمع فاذا وجدنا مجتمعا قويما يسير على خطى الاخلاقيين فهذا انعكاس بديهي على ان هذه الاسر المكونة لهذا المجتمع هي اسرٌ ذات اصالة واخلاق وثقافة متينة ، بينما لو شاهدنا مجتمعا مفككا فاسدا بمعنى الكلمة فهذا طبيعي ان المزيج الاسري لذلك المجتمع متخلف عن الاخلاق السامية ومنحرف وضال .
وكما يعلم الجميع ان الوطن او كلمة (الوطن) هي معنى اوسع من كلمة (مجتمع) اي ما معناه ان الوطن هو مزيج مجتمعات كثيرة او مجتمع واحد كبير جدا ، مثلا العراق او الهند يتصفان بتنوع المجتمعات فيهما وبكثرة بينما مثلا الفاتيكان او البحرين هي مجتمع اوحد لا غير . اذن الان يمكننا ن نقول من يحدد الهوية العامة هل المجتمع يحدد هو الفرد ام هل الفرد حدد هو المجتمع ؟ في رأيي البسيط (ان الفرد قد حدد المجتمع سلفا ، وبمرور الزمن اعطوا الافراد صفةالمجتمع ثم بعد ذلك وعجلة الزمن مازالت تسير اصبح المجتمع هو الذي يحدد صفة الافراد) مثلا لو جربنا ان نأخذ عشرين شخصا مختلين الانتماءات ونسكنهم في جزيرة بعد فترة فأن هؤلاء العشرون سيئتلفون ويحددون هوية مجتمعهم وبعد ان تستقر هذه الهوية فأن الاجيال المقبلة ستحدد هويتهم على اساس هذا المجتمع الذي خٌلق.
وكما قلنا ان الاسرة هي اساس المجتمع ونواته فالاسرة محكومة ومربوطة بربها (الاب والام) وهذان مسؤولان عن سير التربية المحفوفة بالاخلاق .. اي لو ان الاب احسن تربية ابنه فسيخرج الابن قويما والعكس بالعكس ، ولو كان المجتمع سيحكم على الاب بالاخلاق المرتبطة به سيكون هذا انعكاسا على الابن من خلال ابيه .
هذه مقدمة بسيطة لسؤال ملفت للنظر ، يا تُرى لو كان الوطن ومن يحكمه فاسدا ماذا سيكون حال ابناءنا ؟ لا اريد الجواب الان لأنه بديهي (الفساد والانحطاط والانحراف وكل ذميمة) وهذا نداء الان الى كل الشرفاء الذين تقاعسوا عن امر الوطن ومصيره بيد الفاسدين ام المصلحين ؟ لأنه بالضرورة سيكون انعكاسا لا محال على اسرهم من خلال المدارس والشوارع والاسواق وكل الارتباطات ، فمن قال ان الوطن لا يهمني فهذا دليل ان اسرته واولاده لا يهمونه لأنه ليس بقدوره 100 % انه سيعقد ويربط تربية ابنه به فقط بل لابد من اضافات من البيئة التي تحيط به فالنظام البيئي كفيل باضفاء ملامح الشخصية . اذن لو كان الحكام فاسدين ماذا سيحل بنا من غي وشقاق ؟ ماذا سيكون مستقبل اسرنا وابنائنا وعوائلنا ؟ ماذا لو كان الحكام ظالمين ومنحرفين ماذا سيكون مصيرنا نحن ؟
والحال كأنما هو هكذا .. مادام الاعلام المرئي والسمعي وما دام هناك متملقين لهؤلاء الفاسدين فهذا سيصطدم باخلاق الطفل لا بل حتى الكبير – وما شاء الله النفس ميالة الى الهوى- فالان ترى وتسمع ما لا يصدق ويعقل من الفضائح الاسرية وجرائم القتل والفساد ،كل ذلك بسبب الحكام الفاسدين لأنهم فاسدون وبالتالي ستفسد مفاصل الدولة وسيحل الساد بالشوارع والازقة الى ان يصل الى الافراد وبالتالي ستحدد هويتهم !! اذن الا ترون هول وعظم مسألة الوطن والمسيرة السياسية التي تضبط وتحدد هوية وشخصية الحاكمين ؟
ما الحل لهذه المشكلة المقيتة – التي ربما لم اجد في وصفها جيدا - ؟ الحل هو الوطني الذي لم يكن يوما مفسدا .. ولن يريد ان يكون شبيها لهؤلاء الفاسدين ؟ وبهذا نضمن اسرنا واعراضنا واخلاق اولادنا ، لأنه ستصدر قوانين تريد مصلحة الشخص ونفعه لا كما كان قوانين تريد مصلحة المحتل وزيفه فالاحتلال يصدر لنا الفساد وبالمقابل حكامنا يصدرون له خيرنا .. فاذا حكم الوطني الاصيل الشريف سينتعش المجتمع ، فلا عاطلين وما ينتج من العطل عن العمل ، ولا متسولين ولا محتاجين ولا .. ولا.. لأن الذي عندنا يكفينا ؟ وبهذا سينخفض الفساد الى ادنى درجة ونضمن مستقبلنا ومستقبل اولادنا .
ومن هنا فالاخلاق مرتبطة بائتلاف العمل والانقاذ الوطني ، تارة من ناحية الضمير والقيم والمبادئ والغيرة والوطنية واخرى من ناحية خوفنا وخشيتنا على انفسنا واعراضنا واولادنا بل وحتى ازقتنا من فسادا اعمى .. والسبب بذلك ان ائتلاف العمل والانقاذ الوطني هو الحل ! هو من يحتضن الوطنيين ! هو املنا بالخلاص ؟ وتصورا لو رجع علينا المفسدون ماذا سيحل بنا ؟
اذن {انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق} فما كان ينقص شبه الجزيرة العربية سوى تقويم الاخلاق والان العراق لا ينقصه سوى حاكم خلوق ذو مبدأ وقيم وهدف سامي ، اي ان الائتلاف يريد ان يتمم مكارم الاخلاق السياسية وصون الوطن من الفساد الذ ي اشار اليه القرآن (انتشر الفساد في البر والبحر) فالانخراط الفسادي الان الذي يعاني منه مجتمعنا هو بسبب حكام ظلمة وفساد .. بدليل لو كان هناك وطني مثلا لا يأخذ الرشوة وغير فاسد اداريا فهذا منبوذ كما كان قوم شعيب عندما قالوا له (اصلاتك تنهانا) فالان يقولون له {شنو صاير وطني ؟}
اذن القرار بيدكم يا ايها العراقيون ... وخاصة اولئك المتقاعسون الذي قالوا لا يهمنا الوطن او هل الوطن متوقف عليّ انا ؟ لا الوطن متوقف على كل ابناءه .. وانتم رأيتم ماذا كان حال المجتمع عن اليوم مقارنة مع الامس وكيف الان لم يحدث او يطرأ اي تغيير ملحوظ ، بل الاسوأ والاردأ ان الاخلاق بسببهم تردت واضمحلت وصار المجتمع مريضا جدا لأن فعالهم هي ضوء اخضر للانخراط الفسادي الذي عدونا به عندما اتو به من الخارج .. لكن اقول : الائتلاف هو المفصل الاخلاقي والمحك الخلقي لمستقبلنا الواعد فهنيئا لنا بهذه النخبة الخلوقة المؤمنة الوطنية قولا وفعلا .